الناصرة: :
بعد مصفاة البترول في خليج حيفا ومعهد الدراسات العلمية الدقيقة في رحوفوت وبعض المقار العسكرية في منطقة تل أبيب منها مقر هيئة الأركان، أصابت صواريخ إيرانية أمس الخميس مدينة بئر السبع في النقب وبناية البورصة في رمات غان في مركز البلاد وتسببّت بـ إصابة نحو 271 إسرائيليا بعض إصاباتهم صعبة علاوة على مشاهد نار ودمار غير مسبوقة وأجواء من الرعب. وعبّر عن الصدمة أحد الأطباء في مستشفى سوروكا المصاب بالقول للإذاعة العبرية العامة إنني خلت للوهلة الأولى أن «هزة أرضيت قد وقعت» فيما وصف ممدوح أبو جامع من النقب بالقول لراديو الناس الذي يبّث من مدينة الناصرة داخل أراضي 48 إن المشهد كان مروعًا: «النار اندلعت خلال خمس دقائق، وكان دمار شامل في المبنى والمحيط والشوارع القريبة. الشبابيك، الأبواب، الجدران… كل شيء تهدّم». ومما زاد الصدمة داخل إسرائيل أن هذه الصواريخ جاءت بعد يوم تناقص فيه عدد الصواريخ الإيرانية بشكل كبير واعتقاد جهات إسرائيلية واسعة أن إيران فقدت قدرتها الصاروخية،وبعدما أعلنت الجبهة الداخلية عن تخفيف تعليمات الطوارئ وإعادة عجلة الاقتصاد تدريجيا للوضع الطبيعي. وجاءت الرشقة الصاروخية صباح أمس لتعكس تصاعد التوتر والغليان والاقتراب من درجة الانفجار الأكبر وتحول الحرب الحالية إلى حرب مفتوحة وشاملة في ظل تراشق بالنار وتهديد ووعيد إسرائيلي إيراني متبادل متصاعد وتصعيد الرئيس الأمريكي للهجة التهديد ومطالبته بـ «استسلام بلا شروط» وردّ المرشد الأعلى علي خامنئي عليه بأن إيران لن تستسلم وإن أي عدوان أمريكي على إيران سيؤدي إلى نتائج وخيمة لا يمكن تصحيحها.وفيما اكتفى خامنئي بلغة التلميح الغليظ قال مسؤولون إيرانيون إن اعتداء أمريكيا على إيران سيقابل باستهداف القواعد الأمريكية في دول الخليج منبهين لـ احتمال اشتعال نار كبرى في المنطقة وتبعهم حزب الله بقوله إن المساس بخامنئي حماقة كبيرة مهددا بالتلميح بالانضمام للمواجهة. في تصريحات غير مسبوقة،أقّر وزير الأمن في حكومة الاحتلال يسرائيل كاتس، بـ ما كانت تكتفي حكومته بالحديث عنه بـ التلميح وهو الرغبة بـ إسقاط النظام الإيراني وبعد الرشقة الصاروخية العنيفة اليوم هدد مكاتس صراحة باغتيال خامنئي. ورغم تواتر التقارير والتسريبات الإعلامية حول قرب اتجاه ترامب للانضمام للحرب على إيران وكان هو بنفسه قد غذاها بتهديدات متتالية ودعوات لطهران بالاستسلام بدون شروط، نقلت صحيفة «الغارديان» البريطانية عن مصدرين أمنيين أمريكيين قولهما أمس إن ترامب لم يمنح الضوء الأخضر لهجوم على منشأة تخصيب اليورانيوم الإيرانية في فوردو، على عمق 90 مترا بقنابل عملاقة(«مخترقة التحصينات») وذلك بسبب شكوك حول مدى فاعليتها في الاختراق. وأوضح المصدران في حديثهما لـ«الغارديان» أن ترامب تلقى تقارير مفادها أن القنبلة الثقيلة قد تُلحق أضرارا بالمنشأة وتؤخر البرنامج النووي الإيراني لعدة سنوات، لكنها لن تدمره بالكامل، مشيرَين إلى أن سلاحا نوويا تكتيكيا هو الوحيد القادر على القضاء على المنشأة بشكل نهائي، إلا أن هذا الخيار لم يُطرح أمام ترامب في اجتماعات غرفة العمليات، ولا يجري النظر فيه». في ضوء هذه المعطيات، يُجمع خبراء أمريكيون وإسرائيليون أن أي محاولة حقيقية لتدمير منشأة فوردو تحتاج إلى تدخل أمريكي مباشر، نظرا لأن إسرائيل تفتقر للقنابل القادرة على اختراق هذا العمق، كما لا تمتلك طائرات. وفيما يواصل نتنياهو مطالبة ترامب بالتدخل في الهجوم على فوردو، كان رئيس حكومة الاحتلال السابق إيهود براك قد شكك بجدوى الجهد الأمريكي على المنشآت النووية في إيران كونها عميقة جدا في باطن الأرض. في المقابل، يرى ترامب، بحسب مصادر مختلفة أن مجرد التهديد بالتدخل العسكري الأمريكي قد يدفع إيران إلى استئناف المفاوضات بشأن اتفاق نووي جديد، وهو ما يفضله على المخاطرة بخطوة عسكرية لا تضمن النتيجة المطلوبة. لكن جهات إسرائيلية ترجح أن ترامب حسم أمره وأنه ذاهب للهجوم على إيران خلال يوم أو يومين ،وقال المعلق السياسي الإسرائيلي الخبير بالشؤون الأمريكية نداف أيال في مقال نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس إن اعتبارات ترامب مركبّة فهو لا يفوّت فرصة للانتصار ،لافتا إلى أن الأغلبية الساحقة من الأمريكيين تعارض حيازة إيران للسلاح النووي وفق استطلاعات جديدة. وتابع أيال:»في أمريكا إجماع نادر على ذلك وإسرائيل تحصد وتستفيد من هذا الواقع وفي المقابل يبدو ترامب راغبا باعتلاء موجة إسرائيلية». وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أمس إن نتنياهو وضع ترامب أمام حقيقة واقعة بالتزامن مع تقارير أمريكية أمنية تنفي وجود مشروع إيراني لحيازة سلاح نووي». من جهة أخرى تقول الباحثة والمحاضرة الإسرائيلية في الشأن الأمريكي ياعيل شطرنهل في مقال نشرته صحيفة «هآرتس» إن العالم يحبس أنفاسه من جديد في انتظار قرار الولايات المتحدة كما يحدث في كل مرةيتكون الحرب مطروحة على الطاولة، بيد أن الفارق هذه المرة أن أمريكا بيد شخص متقلب المزاج محاط بمستشارين بلا تجربة. وتتابع»انتخب ترامب بسبب شعاره أمريكا أولا وتفضيله سياستة الانعزالية لكن هذا لا يضمن أنه سيتخذ قرارا صحيحا في وقت مصيري فيما يلوح بالأفق شبح حرب شاملة وهكذا يكون العالم متأهبا لردود فعلها عندما تبدو الولايات المتحدة هذه المرة بلا مسؤولية». أما محرر الشؤون الشرق أوسطية في صحيفة «هآرتس» دكاتور تسفي بار إيل فيقول إن الضبابية جزء من سياسات ترامب ويوجه انتقادات قاسية له بالقول إنه بدلا من الدفع نحو تسوية كقائد مسؤول فإن نتنياهو يستدرجه إلى حرب وهذا يعطي إسرائيل فرصة لمواصلة الحرب وفرض حقائق على الأرض لكن هذا المبدأ نفسه يمكن أن يقود ترامب للقول «كفى» لـ إسرائيل».
0 Comments