تصريح رئيس الأركان زامير أمس بأن نتائج حملة "شعب كالأسد" تشير إلى "ضربة شاملة" للبرنامج النووي تعكس إنجازات دراماتيكية للجيش والموساد في المعركة. وهكذا جاء على لسان لجنة الطاقة الذرية، إحدى الوكالات المعتبرة في العالم في مجالها، إن الهجوم على فوردو "جعل المنشأة غير قابلة للاستخدام" وإن البرنامج النووي تراجع "سنوات إلى الوراء".
لكن إلى جانب الثناء على القيادة العسكرية، ومقاتلي وضباط الاستخبارات والتنسيق بين القيادات في أثناء المعركة، من الصواب النظر إلى الأمام بعيون مفتوحة في ضوء علامات الاستفهام والتحديات الكفيلة بأن تثور مع ترسب غبار المعركة.
إن عالم تخطيط المعركة يتضمن اهتماماً بترجمة الخطوة العسكرية إلى فعل سياسي؛ فقد كان واضحاً من تصريح نتنياهو أول أمس أن الانشغال بالمنحى السياسي للمعركة لم يستكمل بعد. هذه فجوة إشكالية، فوقف النار لم يكن في فراغ، وتطلع آية الله إلى النووي أيضاً لا يقف وحده. المدرجات المرغوب فيها بعد الإعلان عن وقف نار هش، كان يجب أن تمر عبر قرار لمجلس الأمن يحدد تفاصيل وقف النار، واتفاق بين القوى العظمى يعيد تعريف قواعد اللعب وآليات الرقابة النافذة. اتفاق محسن للقوى العظمى مع إيران.
إن النقاش في مسألة عمق وطبيعة الاتفاق لتقييد البرنامج النووي يبدو ملتوياً، لكن التركيز على النووي وحده قد يفوت صورة التهديد. وحسب دوائر في الغرب، تتطلع طهران لتوسيع أسطول الصواريخ الباليستية في السنوات القادمة إلى أكثر من عشرة آلاف (!) صاروخ؛ وتسعى إلى إنتاج صواريخ "خرم شهر" الجبارة، التي تعرضت منشآت إنتاجها إلى هجوم. قوة تقليدية بهذا الحجم الهائل يرتقي إلى تعريف "تهديد وجودي" لدولة إسرائيل مع وحتى بدون أن يتزود الصاروخ الباليستي برأس نووي.
"اليوم التالي" للمعركة يشكل فرصة نادرة لإعادة تصميم مفهوم التهديد، من الداخل والخارج. نظرة أولى إلى نتائج المعركة تفيد بأنه ينبغي تعديل تهديد متوقع للصواريخ الإيرانية. والدليل، أن "تقنين صواريخ الاعتراض" طرح علامة استفهام على عمق قدرة الصمود أمام تهديد باليستي واسع النطاق، مما يشكل دعوة لتسريع مزيد من الحلول بوساطة الليزر لتطوير الصواريخ الباليستية، بل وللجيل التالي من التهديد: صواريخ فرط صوتية. هذه وغيرها تحتاج مزيداً من الدقة لنتائج "لجنة نيغل" لبناء القوة التي تبلورت قبل المعركة. التحدي لا يقل تعقيداً من الخارج: يجب العمل والتجنيد لحلفائنا في الغرب وتأكيد إحساس الإلحاح لمعالجة التهديد الصاروخي الإيراني في ظل عرض الارتباط الوثيق بينه وبين البرنامج النووي. تصوروا سيناريو رعب تطلق فيه على إسرائيل (أو على أوروبا، موضوع سيصبح ملموساً في السنوات القادمة بغياب إحباط مناسب) عشرات ومئات الصواريخ في وقت واحد، بعضها يحمل رؤوساً نووية.
حسب ميثاق الأمم المتحدة، فإن على مؤسسات المنظمة ضمان السلام العالمي. المعركة الحالية تدل على خطورة التهديد الصاروخي الإيراني، فهو مدمر ومقوض للاستقرار العالمي من الدرجة الأولى. على الأسرة الدولية إعادة احتساب المسار في هذا الشأن، والوصول إلى توافقات مع إيران في هذا الموضوع، أو تشديد العقوبات على القطاع الصناعي الإيراني، وتحدد معايير لاستخدام القوة عند احتدام صورة التهديد الصاروخي. بمعنى أنه لا يكفي تقليص القدرات في عالم النووي استناداً إلى تفاهمات متجددة، بل من الصواب ربط هذه الالتزامات بالمجال الباليستي أيضاً. على إسرائيل أن تصر على تغيير جذري في النهج الدولي لفهم التهديد التقليدي من إيران، وإلا فالأمر كفيل بالارتفاع إلى مستوى تهديد حقيقي على إسرائيل وأصدقائها في الغرب.
آفي كالو
يديعوت أحرونوت 26/6/2025
0 Comments