بن – درور يميني
لا لأننا نجهل أن علينا وقف المواجهة في غزة، نعم هذا مقلق. فبعد 20 شهراً لا يوجد نصر مطلق في الأفق، بل قتيل يومياً تقريباً. روتين وحشي. روتين منهك. هكذا هزمنا أنفسنا عسكرياً وسياسياً؛ لأن إسرائيل فعلت كل ما يمكن كي تصل إلى الدرك الأسفل السياسي الأخطر في تاريخها. الموضوع أننا في حرب مع إيران. هذه هي المعركة التي قد تغير الشرق الأوسط، هذه هي المعركة التي قد ترفع مستوى مكانة إسرائيل الاستراتيجية، هذه هي المعركة التي قد تنقذ إسرائيل من سقوط دركها السياسي الأسفل.
المشكلة أنه مجرد مسألة وقت إلى أن يبدأ التأييد الدولي، الهام جدا، في التبدد. لأن غزة هي حجر رحى على رقبتنا، وتمس بالحرب الحيوية ضد النظام الإيراني. حتى قبل أن تبدأ رحلات الإنقاذ الجوية، كانت هناك رحلات نقل إلى إسرائيل. هذا ليس مفهوماً من تلقاء ذاته؛ لأن عاملي الموانئ يخضعون لنفوذ اتحادات مهنية معادية تسيطر عليها أحزاب اليسار الراديكالي. وقد أخروا إرساليات حيوية لإسرائيل. هذه مشكلة عويصة في الأيام العادية، وربما تكون مشكلة أكبر في الحرب ضد إيران. وبهذا الشأن نحن متعلقون بالرأي العام. وليس افتراضياً، بل مؤثر.
يخيل أن المؤشر الأبرز للرأي العام الغربي هو الصحافي البريطاني فيرس مورغان. فالمعركة ضد حماس بدأها مع تأييد واضح لإسرائيل. في الأسابيع الأخيرة، ومع المزيد المنشورات عن قتل إسرائيل للأبرياء، غير موقفه. أوضح بأن التغيير حصل عقب تصريح الوزير سموتريتش بأن على إسرائيل تدمير ما تبقى من غزة. وهذا لم يكفِ سموتريتش أن هناك من يلاحق جنود الجيش الإسرائيلي في العالم بسبب تصريحات كهذه. لم يكفه أننا على بؤرة استهداف المحكمتين الدوليتين في لاهاي. كان ملزماً ببساطة أن يوفر السلاح لكارهي إسرائيل، وجعل من لا يزال يؤيد إسرائيل أن يتوقف عن ذلك.
بعد يومين من بدء الهجوم الإسرائيلي ضد إيران، نشرت "مورغن بوست" تأييداً لإسرائيل. هذا موقف يمثل الرأي العام في الغرب، بما في ذلك موقف رؤساء دول الغرب كلهم.
غير أن هكذا بدأ بالضبط في الأيام ما بعد 7 أكتوبر، وعندها جاءت التصريحات المتبجحة عن التدمير، عن الثأر، عن عملاق وعن أنه لا يوجد أبرياء. وانضم إلى كارهي إسرائيل الدائمين أولئك الذين كانوا يعتبرونها محقة في بداية الطريق. الدعاية المؤيدة لحماس ما كانت لترتفع إلى الأعلى التي وصلت إليها بدون التصريحات المتبجحة. وزراء، نواب، وشخصيات عامة، وصحافيون، أصروا على المس بالدعم الدولي مع التصريحات السخيفة، العنصرية، الفاشية. أما الثمن السياسي فيؤثر على العسكري.
هل سيختلف هذا في المعركة مع إيران؟ ليس مؤكداً. يفترض الوزير إيلي كوهن أن يفهم شيئاً ما في المجال السياسي. فقد كان وزير خارجية إسرائيل. لم يمنعه هذا من القول "كل مبنى يسقط في إسرائيل، يقابله إسقاط مئة مبنى في إيران". وتطالب ميري ريغف الآن بفرض الظلام على كل طهران. عفواً؟! من متى كانت لنا حرب ضد الإيرانيين؟ فمبرر الهجوم الإسرائيلي المفاجئ هو نوايا الإبادة من جانب النظام الإيراني. ليس لإسرائيل شيء ضد الشعب الإيراني. وعند الحديث عن ضرب الإيرانيين، تصبح حرب إيران حرب غزة. ما هكذا ننتصر. بل هكذا ننشر الفرع الذي نجلس عليه.
لقد بدأ هذا لتوه. إيمانويل ماكرون يقفز أولاً للمطالبة بـ "وقف ضرب البنى التحتية المدنية والطاقة". هو ضد إيران وضد إسرائيل في الوقت نفسه. في أيام أخرى، كان سيصدر بياناً ضد بريطانيا أيضاً التي قصفت بنى تحتية في ألمانيا رداً على القصف النازي للندن. هو "موضوعي". هكذا، وينبغي الحذر. لا ينبغي خدمة الماكرونيين. قليل آخر من التصريحات السخيفة لوزراء الحكومة، وما فعلوه لنا في حربنا ضد حماس سيفعلونه في حربنا ضد إيران. ولاحقاً، سيوقف عاملو الموانئ الإرساليات لإسرائيل. إذن، رجاء أيها الوزراء والنواب، أغلقوا أفواهكم. صحيح أنه يخيل لكم أن قاعدتكم قطيع من المتعطشين للدماء، لكن لا تزال إسرائيل أهم بكثير مما يخيل لكم من قاعدتكم. وإذا ما تبقى فيكم وفي رئيس الوزراء بعض من سواء العقل، فاتركوا غزة. حرروا المخطوفين. لأن هذا سيساعد إسرائيل على ضرب الهدف الهام: إيران.
يديعوت أحرونوت 22/6/2025
0 Comments